أول خطاب لأحمد الشرع رئيس سورية في الأمم المتحدة: ماذا يعني هذا التحوّل الجيوسياسي؟

أول خطاب لأحمد الشرع رئيس سورية في الأمم المتحدة: ماذا يعني هذا التحوّل الجيوسياسي؟

ظهور رئيس الدولة السورية أحمد الشرع على منصة الأمم المتحدة مع حضور ممثل رسمي ذي ثقل بعد عقود من العزلة يمثل حدثًا ذا دلالة رمزية وسياسية، وهو انعكاس لتغيرات أوسع في النظام الإقليمي والدولي. الخطاب الذي ألقاه رئيس سورية التاريخي أمام الجمعية العامة تضمن مطلب رفع العقوبات ونداءات لإنهاء العزلة الاقتصادية والسياسية، وهو ما يعكس استراتيجية دمشق للعودة إلى الساحة الدولية بشروط تسعى فيها لاستعادة شرعية بشأن إعادة الإعمار وجذب استثمارات خارجية دون معالجات جوهرية لمسائل المحاسبة والعدالة؛ هذا الموقف يتناغم مع ديناميات إقليمية حيث أعيدت قراءة ملفات كثيرة: من التوازن بين روسيا وإيران وتركيا إلى رغبة بعض العواصم في استثمار استقرار سورية لعرض روسي-إيراني يسمح بإعادة ترتيب العلاقات الإقليمية.

أهمية هذا الظهور لا تكمن فقط في لغة الخطاب بل في السياق: دمشق تسعى إلى تأمين دعائم اقتصادية (رفع العقوبات، جذب إعادة إعمار) وتطمينات سياسية (ضمانات بعدم تدخل عسكري خارجي)، بينما المجتمع الدولي يواجه معضلة أخلاقية وقانونية: كيف يتعامل مع دولة جديدة عانت من تدمير النظام السابق؟ المصالح الواقعية للدول، لا سيما تلك المهتمة بمنع تمدد عدم الاستقرار أو من يرغب في استعادة هياكل الطاقة والتجارة، قد تضغط نحو تعامل جديد مع دمشق، لكن الاستجابة الشعبية والحقوقية تأتي في ظل رقابة تضغط من أجل شروط واضحة للمساهمة.

ختامًا، خطاب رئيس سورية أمام الأمم يمثل لحظة في مسار إعادة إدماج سورية جزئيًا في النظام الدولي، لكنه لن يكون ذريعة لتجاوز ملفات العدالة والشفافية. العملية التي ستتبع هذا الخطاب تتطلب مقاربة متأنية من المجتمع الدولي تجمع بين إعادة الاستقرار والالتزام بمعايير حقوق الإنسان وسيادة القانون، والحزم مع إسرائيل وإلا فقد تتحوّل عودة دمشق إلى ساحة إعادة تنازع على النفوذ الإقليمي بدلًا من فرصة حقيقية لإعادة بناء دولة مؤسسات.

Leave a Reply

Your email address will not be published.