الراجح أنني في هذا الموقع مطالب بتقديم نفسي للقراء، رغم أنني في رحلة صيد قصيرة، أعيتني فيها مطاردة فأرة حقول ضخمة ربما ستكون وجبة عشاء فاخرة لي. في الحقيقة ما أريد أن أحيطم به كقراء في هذه الأسطر الموجزة، هو رحلة البحث عن القوت اليومي، أو رحلة صراع البقاء، والمصارعة الشرسة مع الحياة، رحلة كر وفر، لا تتغير قوانينها بتغير الفصول.
وددت أن أحكي لكم حكاية موجزة في نصف الطريق، وأنا ألمح الفأرة بوبرها الكث تهم بخروج من بين العُريْشات الصغيرة، ألمحها تمضغ وتستدير يمنة ويسرة، وأنا أتماوت كي لا يصدر عني ما يبعد عني الطريدة.
لا شيء يشي بأنني سأنجح في مهمتي، سوى أنني دائم الوجل، لا أخجل من الاعتراف بوجلي من طلقة نار بندقية من بني البشر، أو من وقوعي في شرك من الممكن أن يخلع إحدى ساقيَّ، أو من سم زعاف فوق طعام مشتهى ومغرٍ ألقى بعده حتفي مباشرة.
يا إلهي ! ويحك أيها الثعلب
لقد تذكرت أني قد سرحت بخيالي قليلا، الفأرة تبتعد قليلا، عن مرمى بصري، سمعت دوي طلقات نار، واصطكاك حلقات شراك حديدي قاتل قد أوقعت حيوانا ما !
ابتعدت الفأرة …. غابت، تتبعت ريحها، وأنا أتخفى، أتماوت، أقف، أختفي، أظهر … أينها ؟
ويحك … ويحك ! عدوت وعدوتُ هاربا من هول ما رأيت … وجدت طريدتي تتلوَّى … يبدو أنها أكلت سما زُعافا !
ربما هذا لعاثر حظي في هذا اليوم، أنه محفوف بمخاطرة الحتف …
الأخطر أن إنسانا وأنا أهِمُّ بالهرب بجلدي، قد وجدته يشحذ سكينا، ويمزق جسد حيوان، يصنع منه فروا، يبدو أنه موجه للزينة …
أدركت أنه خلف المخاطرة، مخاطرة أكبر، وهي البقاء على قيد الحياة، الإفلات من موت محقق، هكذا بدا لي …
قفلت راجعا … منهكا، متعبا، رحلة صيد فاشلة، يبدو أنني سأحاول الكرة ثانية، وسأخبركم لاحقا…
في عُرفنا نحن معشر الثعالب، نقول : “نحن لا نشبع من مائدة الصيد، قبل أن نشبع من وليمة الخوف”…
أراكم لاحقا….
Leave a Reply