في تحول جد لافت في السياسة الدولية تجاه الدولة السورية الجديدة، أعلنت الولايات المتحدة أمس 13 ماي 2025 عن رفع كافة العقوبات المفروضة على سوريا، على لسان رئيسها الجديد دونالد ترامب، في خطوة وصفت بأنها “تاريخية” والتي جاءت بالتزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى منطقة الشرق الأوسط والتي تشمل المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة.
رفع العقوبات: بداية إعمار أم تنازلات استراتيجية؟
أشاد وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني بعيد هذه الخطوة بأنها مهمة للغاية، واعتبرها ”بداية جديدة لإعادة الإعمار”، والتي لعبت فيها السعودية دور الوسيط عبر تنظيمها لقاءات رفيعة المستوى بين واشنطن ودمشق. وقد جاء هذا القرار بعد سنوات من الحصار الاقتصادي الذي شلّ أركان ومفاصل الاقتصاد السوري، سيما في عهد الرئيس السوري الأسبق بشار الأسد، إبان الثورة السورية التي اندلعت في 2011، ويتوقع أن يسهم القرار الجديد في جذب استثمارات مهمة سواء خليجية أو غربية للمساهمة في جهود إعادة بناء الدولة السورية.
لقاء ترامب بالرئيس السوري أحمد الشرع
من أبرز انتظارات الزيارة، لقاء غير مسبوق منتظر بين ترامب وأحمد الشرع، الرئيس السوري الحالي، الذي تم تنصيبه قبل أسابيع بعد انتصار الثورة السورية وتحرير كافة ربوع البلاد من النظام الأسبق، حيث ينتظر من اللقاء إعلان مرحلة جديدة لمحاربة الإرهاب وبناء الدولة السورية الحديثة. وقبل هذا اللقاء، تتباين ردود الفعل بين مؤيد ومتحفظ سيما من الدول الغربية، إضافة إلى إيران وحلفائها في المنطقة.
جولة ترامب: مصالح اقتصادية لتاجر العقار ومغازلة الحلفاء ومهادنة الأعداء
تأتي زيارة ترامب الحالي للمنطقة المتوترة منذ عقود، لتوقيع اتفاقيات استثمارية تتجاوز 600 مليار دولار، خاصة في مجالات الطاقة والمعادن والدفاع. كما تتوخى هذه الزيارة طمأنة الحلفاء الخليجيين باستمرار التزام واشنطن بأمن المنطقة في ظل تراجع النفوذ الأمريكي خلال السنوات الماضية، كما يتوخى من بعدها توقيع سلسلة اتفاقات علنية وسرية مع الخصوم في المنطقة، سيما إيران في الملف النووي.
مواقف دولية متباينة
بينما رحبت الكثير من الدول والعواصم العربية بهذه التطورات الإيجابية بخصوص الملف السوري، لكن ما يزال الاتحاد الأوروبي الذي رفع العقوبات جزئيا يعبر عن قلقه، وأن الرفع الكامل يجب أن يكون مشروطا بإصلاحات سياسية حقيقية تضمن تمثيل كافة مكونات المجتمع السوري، خصوصا بعد زيارة أحمد الشرع لفرنسا، ولقاءه بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. في المقابل دعت الأمم المتحدة إلى استثمار هذه الخطوة إيجابيا لدعم عودة اللاجئين وتحقيق تسوية سياسية شاملة والنهوض بالدولة الجديدة.
بصائر مستقبلية
إن بداية إعادة إعمار الدولة السورية الحديثة، سيؤدي حتما إلى تدفق التمويل الخليجي والتركي والدولي، مما سيؤدي إلى إعادة تشغيل البِنَى التحتية والخدمات، وإعادة رسم خريطة التحالفات، ما قد يعيد توزيع مراكز القوى في الشرق الأوسط، في ظل وجود إسرائيل، وطول أمد حربها على غزة، وارتفاع حجم الدمار البشري والمادي، خصوصا مع تنامي الدور السعودي كقوة توازن، وتركيا أيضا، خصوصا في المِلَفّ الأوكراني-الروسي والسوري. كما أن الشرط الذي تتوخاه مجموعة من الدول والهيئات هو انتظارها مثلما ينتظر الشعب السوري، حلا للملف الإنساني وعودة ملايين اللاجئين إلى ديارهم وتهيئة مناخ آمن للاستقرار والاستثمار.

Leave a Reply